مـنـتـديـات MR.MAGED.NET
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مـنـتـديـات MR.MAGED.NET

منتديات ماجد الصى
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ثياب تحى القلوب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ahmedsalah
العضو المتميز
العضو  المتميز
ahmedsalah


عدد الرسائل : 159
تاريخ التسجيل : 23/01/2007

ثياب تحى القلوب Empty
مُساهمةموضوع: ثياب تحى القلوب   ثياب تحى القلوب Icon_minitimeالأحد يناير 28, 2007 8:28 am

لحظة صفاء وودّ مع نفسها اشترت لها خمسة أثواب جديدة.. لقد اشترتها كلها معاً في ساعة واحدة ونقدت البائع ثمنها بسماحة نفس دون أن تجادل في السعر الذي حدده لها.. بل أضافت إليها شراء ما يلزم من طيب وعطورات.. لم تبال حينها ولم تفكر إن كان هذا إسرافاً مذموماً أم أنه من الضروريات!
لكنها ليست كعادتها حين تحضر الملابس الجديدة بماركاتها العالمية وموديلاتها الرقيقة التي تتناسب مع ذوقها الرفيع وتطلعاتها إلى الجمال.. إنها حين تفوز بشرائها يرقص قلبها طرباً، وتتنافس جوارحها شوقاً لارتدائها، فقد جُبلتْ على حب الجمال، وما ذلك بعيب فيها، فهي لم ولن تتزين بها إلا في بيتها، أمام زوجها، أو بعض محارمها، أو النساء من أهلها وصديقاتها، كما أنه لا يخرجها عن تواضع نفسها ولن يصرفها عن ارتداء حجابها
..

دقات القلب
رجعت إلى البيت وهي تحملها بين يديها، وبين الحين والآخر تختلس نظرة إليها على وجل واستحياء.. وكلما نظرت إليها بطرف عينيها غضت الطرف عنها، وأخذتها رعدة، وسرى في أوصالها قشعريرة، وزاد اضطرابها، وتسابقت دقات قلبها! وما تلك بعادة لها.. لقد اشترتها بمال حلال طيب ولم تسرقها فلمَ الخوف والقلق إذاً؟!
جرت مسرعة نحو غرفة صغيرة في بيتها أشبه بالمخزن تضع فيها بعض الأغراض اللازمة للبيت.. فتحت بابها بعصبية ويدها تهتز وهي تمسك بمقبضه، ودون أن تفكر ألقت ما في يدها من ملابس في خزانة صغيرة بداخله كأنها تضع عن كاهلها عبئاً ثقيلاً عليها كاد أن يهلكها، أو قنبلة موقوتة أوشكت أن تنفجر بين جوانحها.. وبعدها أغلقت الباب وجلست تلتقط أنفاسها وتجمع شعث قلبها.. حاولت أن تسترخي علها تريح أعصابها وتفكر في أمرها.
ألقت بجسدها المنهك على سريرها ودار حوار داخلي عنيف مع كل ذرة في بدنها.. يهزها هزاً.. حوار مشوب ببعض الاعتراف بالخطأ وتأنيب الذات ومحاسبة النفس الأمارة بالسوء المتلهفة على كل لذة عاجلة ولو كان فيها حتفها.. صراع صادق يحركه الصدق الذي شفتْ به نفسها..


بحر هائج بالأزياء


لقد أرادت أن تلقّن نفسها درساً لا تنساه! وذلك حين هالها البحر الهائج بالأزياء الذي تتناثر أمواجه لتلقي بكل جديد، قد يكون هذا الجديد صالحاً لتناوله، وقد يكون مسموماً يميت ويقتل آكله! وكلما ألقى ما فيه طلب الناس المزيد! خشيت على نفسها تلك الموجات العنيفة الجارفة التي تجرف معها كل ضعيف وتلقي به بعيداً بعيداً في قرار سحيق..
أحست أنها تأثرت التأثر بتلك الفتنة الكبيرة، وشعرت أن تلك القضية التي شغلتها تشغل بال الكثيرات من بنات جنسها من نساء اليوم واللاتي انبهرن بزخرف الحياة وعالم الموضة والأزياء فصار لهن شغلاً ومطلباً، وأصبح معهن همّاً ومأرباً! وصارت الواحدة منهن خبيرة بالموضة وأسرارها مميزة للأزياء وخطوطها، حتى في الحجاب الذي دخله هو الآخر موجة التغيير والتمدن فغيرت من جوهره وشوّهت من صورته الناصعة الأصيلة..



همست تحدث نفسها: عجيب أمرك أيتها الإنسانة.. لِمَ تخافين وتتصارعين مع نفسك؟ ألست أنت المرأة الجميلة الذواقة للجمال؟ ألست المحبة للجمال الحريصة على اقتنائه؟ شأنك شأن الكثيرات لستِ وحدَك فلمَ القلق؟ جاءها صوت الحقيقة يناديها من أعماقها.. يرنّ في أذنيها.. يتردد في جوانحها.. تسطّره حروف الكلمات على صفحات عقلها.. ومع نبضات قلبها الخائف يأتيها الصوت قوياً من بعيد... لماذا لا تجربين؟ لماذا لم تكلفي نفسك مشقة العناء لتنظري بعين الحقيقة إلى تلك الأثواب؟ ألم تشتريها لتكون سبباً في زينة قلبك وجمال روحك وحياة للوجدان.. ألم تقتنيها لتكون لك ولنفسك بالمرصاد.. لقد دفعت في شرائها بعض النقود لتقبضي الثمن، لكنه ثمن طيب مبارك.. ألم يقل الله تعالى: ]وذكر فإن الذكرى" تنفع المؤمنين (55)[(الذاريات).


إيقاظ النائمين


نعم.. ليذكرك دائماً بالحقيقة عندما تنسين.. وينبهك عندما تغفلين. ويوقظك حينما تنامين.. جربي ولو مرة واحدة.. وقفي أمام المرآة بهذه الثياب الجديدة .. ستلبسينها كلها حتماً في يوم ما.. إنها خاصة بك وبكل امرأة.. وللرجال أيضاً منها نصيب لكن نصيبك أوفى وأكثر، فحين يكون للرجل منها ثلاثة يكون لك أنت خمسة إكراماً لك، ومبالغة في سترك وصيانتك!
هيا.. أخرجيه من الدولاب.. وثقي أن هذه التجربة ستعطيك الكثير.. بل إنها ستجعل منك إنسانة أخرى غير التي تعرفين.. إنها ستصقل روحك وتشحذ همتك.. ستنعمين بعدها بفضل الله بقلب أتقى ونفس أنقى وعمل أخلص وأرقى.. ستجعلك أفضل حالاً، وأصدق حديثاً، وأقوى إيماناً، وأحسن خلقاً، وأكثرلله ذكراً... ستجعل منك الإنسانة الرفيقة المحبة لكل خير البعيدة عن كل شر.. ولا تخافي بعدها من هذا الثوب.. لأنه ثوب الحقيقة الذي سيرتديه كل إنسان بل كل مخلوق في هذا الوجود..
الحقيقة التي قد يتهرب بعضنا منها ومن محاولة معرفتها أو ذكرها، ننساها أو نتناساها.. مع أنها آتية لا ريب فيها وإن طال بنا المقام.. وهي نهاية كل حيّ ومخلوق في هذه الحياة.. نعم أختاه.. إنها الثياب البيضاء التي نلبسها للقدوم على الله عز وجل.. في يوم لا مهرب منه.. سمّها ما شئت.. كَفناً كان أو ثوباً.. فلا فرق، فالكل لابسه أو يُلبسَه رغما عنه في يوم ما، قد يكون قريباً وقد يكون بعيداً، لكنه في الطريق إلينا، وكل آت قريب أليس كذلك؟ فهل جربنا يوماً وارتدينا هذا الثوب بأنفسنا ونحن أحياء لتحيا قلوبنا من غفلة وموات!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ثياب تحى القلوب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مـنـتـديـات MR.MAGED.NET :: **** الـمـنـتـــديـــات الآدبــيـــــــة **** :: """ مــنـتــدى الـقــصــــة و الـروايـــــــة """-
انتقل الى: